تقيم السلطة المصرية تحت إشراف عسكري وفني أمريكي جدارا فولاذيا الكترونيا بطول الحدود المصرية مع قطاع غزة مزودا بأنبوب مياة بحر، وذلك إحكاما للحصار المضروب علي سكانه منذ ثلاثة اعوام ومنعا لأية محاولة لاختراقه عبر حفر انفاق تمكن الفلسطينيين من الحصول علي احتياجات البقاء وتنقذهم من الحصار القاتل وتدعم صمودهم في مواجهة احتلال لا يستهدف حكم بلادهم فقط وإنما أيضا إبادتهم أو اخراجهم منها واستكمال تحويل الشعب الفلسطيتي إلي لاجئين .
ولا يمكن تفسير موافقة السلطة المصرية علي إقامة هذا الجدار بعيدا عن الإتفاقية الأمريكية الاسرائيلية ، التي أبرمت قبل يوم واحد من وقف الحرب الاجرامية علي غزة في يناير الماضي ، لتشديد الحصار علي الشعب الفلسطيني عبر مراقبة المنطقة الممتدة من جبل طارق إلي مضيق هرمز بمشاركة حلف الاطلنطي ، والتي شملت مراقبة حدود مصر مع غزة من سواحل شمال سيناء وأرضها. فإقامة هذا الجدار هو اذعان من السلطة السياسية المصرية لهذه الاتفاقية التي كان ممثلوها وفي مقدمتهم رئيس الدولة قد صرحوا بعدم موافقتهم علي تنفيذ ها من أرض سيناء وسواحلها ، وبذلك تؤكد مجددا بأنها فاقدة لكل مصداقية وغير أمينة علي المصالح والسيادة الوطنية المصرية فضلا عن المصالح القومية وفي مقدمتها القضية الغلسطينية .
تدعي السلطة المصرية أنها ما شرعت في إقامة الجدار إلا استندادا لحق سيادة مصر علي أرضها وحماية له وحرصا علي أمنها القومي ، في حين أنها لاتبالي بالانتهاك الفادح الذي لا لبس فيه لسيادة مصر ولا بالتهديد بل الاختراق الجسيم للأمن القومي المصري المتمثلين في القوات الدولية والأمريكية التي تدنس شرق سيناء بكاملها ، والشروط التي حرمت جيش مصر من الانتشار والسيطرة علي ثلاثة ارباع سيناء ، والقواهد الامريكية في سيناء المسماة محطات الانذار المبكر ، والقيود المفروضة علي عدد وعتاد القوات المسلحة المصرية في المنطقة المسموح فيها بوضع قوات عسكرية مصرية وهي المنطقة المجاورة لقناة السويس مباشرة بعمق لا يتعدي في أبعد نقطة 58 كيلومتر ، وغير ذلك من الشروط التي جعلت مصر كلها وليس سيناء وحدها رهينة لاسرائيل وأمريكا وذلك بموجب معاهدة الاستسلام المسماة معاهدة السلام .
إن حق السيادة في حماية الحدود ، الذي تزعم الحكومة المصرية استنادها إليه ، مشروط في القانون الدولي بالالتزام بعدم الاضرار بالاقليم المجاور لها وهو قطاع غزة ، فلا يجوز الاستناد لحق السيادة في مواجهة أناس يحاولون النجاة من الهلاك ومن المنفذ الوحيد المتاح لهم وهو حدودهم مع سيناء والتي لا تشكل أي عدوان علي السيادة ، فمثل محاولات سكان غزة التغلب علي حصار القتل والابادة باختراق الحدود مثل اللاجئين الفارين من الموت في مناطق القنال والذين لا يحتج أحد عليهم في لجوئهم بحق السيادة المزعزم . إن مصر ، وعلي عكس ما تفعله الحكومة المصرية ، ملزمة وفقا للقانون الدولي بأن تساعدهم علي النجاة . وما تزعمه السلطة المصرية عن حماية أمن مصر ، وفضلا عن فقدانه لأية م صداقية ، هو تشوية فظ للحقائق الدامغة ، فلا يهدد أمننا عبور الفلسطينيين أو المؤن أوحصولهم علي السلاح عبر حدودنا ، وإنما يهدده الكيان الصهيوني وأمريكا وهما بالنسية لنا العدو وليس الغلسطينيين . إن أية مشاركة في الجهود الدولية الرامية لمنع تهريب السلاح لغزة هو مشاركة للعدو الصهيوني الأمريكي في تعجيز الفلسطينيين عن مقاومة الاحتلال . ولقد شاركت السلطة المصرية منذ أكثر من ثلاثين عاما في منع السلاح عن المقاومة الغلسطينية بل تشارك أيضا وحتي هذه اللحظة في منع مرور المؤن الضرورية للبقاء عن طريق إغلاق معبر رفح أغلب الوقت .
لذلك فإقامة الجدار الفولاذي الالكتروتي المائي علي حدودنا مع غزة هومشاركة مباشرة وتعاون تام من جاتب الحكومة المصرية مع العدو الصهيوني ضد أشقائنا وجيراننا من سكان غزة وضد الشعب الفلسطيني بأسره . وهوجريمة حرب وإبادة جماعية وفقا للقانوزن الدولي وخاصة اتفاقية جنيف الرابعة التي حرمت حصار سكان الارض المحتلة وأوجبت العمل علي منعه .
غزة أرض محتلة ومحاصرة ، وحدودها مع مصر منفذها الوحيد من الحصار ، ومصر ملزمة قانونا وسياسيا بفتح معبر رفح وأي منافذ أخري ممكنة لانقاذ سكان غزة من مخطط الإبادة .
إن صمود عزة وفك حصارها ليس مسئولية الغلسطينيين وحدهم وانما مسئولية جمبع العرب وفي مقدمهم جارتهم مصر، وفضلا عن ذلك ، وبوصف الصمود حلقة في مشروع التحرير، هو أيضا واحد من أهم دعامات الأمن القومي المصري الذي لا يهدده أحد سوي العدو الصهيوني والأمريكي
لذلك فإن حركة التحرر الوطني الديموقراطية الشعبية المصرية تدين إقامة هذا الجدار وتعتبره خطرا داهما علي حياة الشعب الغلسطيني وقضيته العادلة وتفريطا جديدا من جانب السلطة المصرية الحاكمة في سيادتنا علي أرضنا واستقلالنا السياسي وأمننا القومي ، وهي إذ تحيي مختلف القوي الوطتية التي سارعت لإدانة هذا العمل الإجرامي بحق الشعب الغلسطيني والمصري وجميع الشعوب العربية تدعو أبناء شعبنا وجميع قواه الوطنية إلي مواصلة وتصعيد مقاومة إقامة هذا الجدار وكل صور الحصار والعزل ضد الشعب الفلسطيني البطل .
29 / 12/2009 حركة التحرر الوطني الديمقراطية الشعبية المصرية